تعالى أفرجك على حاجة مذهلة عملها فريق عالمي من علماء الفلك..
شايف الصورة الأولانية اللي قدامك دي؟!👇
طبعًا أنت فاكر إن النقط دي نجوم، بس خليني أقولك لأ.. النقط البيضا اللي قدامك دي هي أكتر من 25 ألف ثقب أسود، كل واحد فيهم في مجرة لوحدها!!
ومش بس كده.. ده كل ثقب أسود من دول هو من النوع العملاق اللي بيسموه Supermassive Black hole، اللي بيبقى موجود في مركز المجرات، عشان النجوم والكواكب اللي فيها تدور حواليه!!.. إحنا كمان عندنا في مجرتنا واحد زيه..
يعني اللي أنا بقولهولك في الواقع، هو إن اللي أنت شايفه بعيونك البشرية الفانية الضعيفة من على شاشة موبايلك أو الكمبيوتر بتاعك ده، هو أكتر من 25 ألف ثقب أسود عملاق، كل واحد فيهم موجود في مركز مجرة مختلفة، وحجمه يقدر بملايين، ويمكن مليارات المرات حجم الشمس بتاعتنا!!، لدرجة إنه بتدور حواليه مجرة كاملة!!
المنظر بيخليك تحس بالتضاؤل مش كده؟! 😃
والأجمل، إن فريق العلماء اللي عملوا الإكتشاف ده، استعملوا تكنولوجيا جديدة، وبرامج سوفتوير عملوها مخصوص عشان يقدروا يعملوا الخريطة دي، وبرغم صعوبة المهمة، فهي لازم ولابد بتوريك البشر يقدروا يحققوا أيه لما ينبذوا اختلافاتهم وحروبهم وصراعاتهم، ويتعاونوا ويفكروا ويبتكروا، تحت راية العلم..
طب عملوا أيه الناس دول بالظبط؟!.. عملوا حاجة بسيطة جدًا.. كانوا بيستكشفوا السماء بتليسكوبات الراديو المتطورة Radio Telescopes.. تحديدًا التليسكوبات اللي بتقيس تردد موجات الراديو المنخفض، (بيسموها LOFAR)، عشان يلقطوا موجات الراديو اللي بتصدر من المادة أو ال Matter بتاع الأجرام السماوية العملاقة اللي بتقرب من الثقب الأسود، وبيبدأ يبلعها..
النجوم الكبيرة لما بتقرب من الثقب الأسود العملاق ده، بتطلع كميات رهيبة من المادة والطاقة ويتم دفعها لبعيد، ومنها بتصدر موجات راديو شديدة القوة.. بس بسبب البعد السحيق بتاعها في الكون، فهي عقبال ما بتوصلنا بتبقى خافتة جدًا.. وعشان كده بيحتاجوا معدات خاصة عشان يلقطوا تردد خافت جدًا زي ده..
ف هما في الواقع استعملوا أكتر من 52 محطة راديو بتشتغل بتكنولوجيا الـ LOFAR دي، موجودة في حوالي 9 دول أوروبية، عشان يكونوا أكبر خريطة معروفة للثقوب السوداء، في علم الفلك، ومجال ترددات الراديو المنخفضة.. والموضوع كان ف منتهى الصعوبة، لدرجة إن تحقيقه يعتبر واحد من أكبر إنجازات علم الفلك في العقد اللي فات كله..
طب ليه كان صعب؟!.. الصعوبة كانت بسبب طبقة الأيونوسفير Ionosphere اللي موجودة ف الغلاف الجوي بتاعنا.. ودي باختصار وتبسيط شديد هي عبارة عن طبقة من الإلكترونات الحرة اللي بتسبح حوالين الكوكب كله، وبتحميه من الإشعاعات الضارة.. بس المشكلة بقى إنها بتعيق عمل تليسكوبات الراديو دي على الأرض، عشان هي بتغير تردد الموجات اللي جاية من بره الكوكب، وممكن تعيق وصولها من الأساس.. الموضوع بيكون أشبه بما لو إنك غطسان جوه حمام سباحة، وبتحاول تتفرج على شكل النجوم في السما من تحت المية.. هتشوف مشهد مشوه وغير حقيقي، ومش باين فيه معظم الحاجات اللي أنت عايز تشوفها فعلًا..
وعشان يغلبوا الصعوبة دي، صمموا برامج وسوفتوير بيشتغل بالذكاء الإصطناعي أو الـ AI، عشان تصلح من الإنحرافات اللي بتحصل في نتيجة الرصد بتاعهم، بسبب الأيونوسفير.. والتصحيح التلقائي ده بيحصل كل 4 ثواني بالظبط، لضمان أكبر مستوى دقة ممكن..
وبعد سنين طويلة من الشغل والتطوير، وأكتر من 256 ساعة من مراقبة السماء الشمالية الأوروبية Northern Sky، قدروا يجمعوا البيانات دي كلها مع بعضها، ويخرجوا بأكبر خريطة معروفة للثقوب السوداء في تاريخ علم الفلك!!
تخيل أنت.. تخيل إن كل نقطة أنت شايفها قدامك دي هي ثقب أسود عملاق حجمه يقدر بمليارات المرات حجم الشمس بتاعتنا، بيتدور حواليه مجرة كاملة، مش مجرد كوكب ولا اتنين!!
تخيل إنك شايف بعينك دلوقتي مشهد التركيب بتاع الكون نفسه.. كإن عندك خريطة حقيقية ومرئية، بدون أي جرافيك، لجزء ضئيل جدًا من الكون!!.. اللي أنت شايفه قدامك ده هو عبارة عن مساحة صغيرة جدًا تقدر ب 4% بس من السماء اللي فوق التليسكوبات!!، وهتلاقي حجم القمر مقارنة بيها ف شمال الصورة فوق👇
تخيل إن ده 4% بس وباين فيه كل ده.. أومال بقى هنلاقي أيه لو قدرنا نعمل خريطة كاملة للسماء اللي فوق التليسكوبات كلها؟!!.. طب تخيل لو قدرنا نعمل خريطة للسماء اللي حوالين الكوكب كله، مش أوروبا بس!!.. وهو ده بالفعل اللي فريق العلماء دول شغالين عليه في خلال السنين الجاية، في مشروع LOFARLOL Survey!!
دراسة زي دي هتاخد سنين لحد ما تكمل وتنتهي بنسبة 100%.. بس لما تخلص، فهي مش بس هتخلينا نتعلم حاجات كتيرة جدًا عن فيزياء الثقوب السوداء مكناش نحلم نعرفها قبل كده، لا دي هتدينا نظرة حقيقية على شكل وتكوين الكون بأكمله، ومدى اتساعه والأبعاد العملاقة اللي بيحويها!!
تخيل قد أيه الكون ده عظيم ولا يقاس، ولا يمكن حتى استيعابه بالكلام أو التفكير أو حتى الخيالات.. وقد أيه إحنا ف موقعنا وسط كل ده، أشبه بذرة غبار وسط هيكل عملاق، وشديد البهاء والأناقة..
تخيل اللي خلق كل ده، وصممه وشكله بإيده من اللاشيء حرفيًا.. تخيل مدى قدرته وقوته الغير قابلة للتصور أو الإستيعاب..
تخيل، وقول سبحان الله ❤
ولو المقال عجبك، متنساش تعمل شير ومنشن لصحابك وحبايبك المهتمين بالأمور دي عشان يقرأوا معاك ويسيبولي رأيهم مع رأيك في الكومنتات 👇
الشير بيعبر عن دعمك، وكمان بيساعد في نشر المجهود الكبير اللي ببذله في كتابة المقالات دي، وبيوصله لناس أكتر، ف متبخلش به لو شايف الجهد يستحق ❤