تفتكر لو في يوم من الأيام امتلكت القدرة على رؤية الكائنات العلوية اللي عايشة في أبعاد أعلى من الإستيعاب والمدارك البشرية، أيه اللي ممكن يحصل؟.. والكائنات دي لو قدرت تشوفهم، شكلهم ممكن يبقى عامل إزاي؟
طب تفتكر لو الكائنات دي قررت في يوم من الأيام إنها تظهرلنا وتتجسد في العالم بتاعنا، هتقدر إنها تظهرلنا بشكلها الحقيقي، ولا هيكون شكلها مختلف عن حقيقتها؟!، وأيه علاقة وصف الأديان السماوية للكائنات دي بحقيقتها الفعلية؟!
هات كوباية الشاي والنعناع الحلوين ف إيدك، وتعالى معايا النهارده أجاوبك عن كل الأسئلة دي
بس تحذير مهم.. المقال ده طويل وحرفيًا ممكن يرعبك ويغيرلك طريقة تفكيرك في اللي حواليك.. عشان كده عايزك تركز معايا.. محتاج منك قدرة عالية على التخيل، عشان تقدر تستوعب الصدمات اللي جاية بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس..
تمام؟!
يالا بينا..
***
متنساش إنك تقدر تقرأ الجزء الأول هنا
والجزء الثاني هنا
***
بص يا سيدي.. مبدئيًا، تعالى نتكلم عن حاجة مهمة أوي.. هو البشر أصلًا يقدروا يحسوا أو يتخيلوا البعد الرابع ده إزاي؟!
البعد الرابع في الواقع هو شيء محدش فينا يقدر يتخيله مهما حاول.. عشان عقول البشر نفسها غير مصممة لإستيعاب أي شيء له علاقة بالبعد الرابع بسهولة.. يعني مثلًا في بعض الآراء بتقولك إن الإحساس بالبعد الرابع ده هو شيء عامل زي الحاسة السادسة عند البشر كده.. زي التخاطر أو التواصل فكريًا عن بعد.. التفكير نفسه هو شيء مادي بيشتغل ويعمل في بعد علوي خارج حدود الإدراك اللي إحنا كبشر بنحس بيها.. والتفكير والوعي بتاعنا ده نفسه يقدر يأثر على الواقع نفسه لو كان مركز بما فيه الكفاية..
طبعًا الكلام ده بتدعمه خصائص حقيقية اكتشفتها ميكانيكا الكم في إن التفكير نفسه بيأثر على الواقع ويغير مجريات أي تجربة فيزيائية.. عندك على سبيل المثال تجربة الشق المزدوج Double Slit Experiment اللي عملها علماء الكم، اللي أثبتت بالدليل القاطع إن مجرد معرفتنا لأي واحد من معطيات أي تجربة ذرية، بيخلي نتايج التجربة تتغير بناءً على المعتقدات اللي دخلت دماغنا!!.. يعني الطبيعة نفسها بتغير من نفسها بناءً على تفكيرنا!!.. وده حقيقي ومثبت ومش هبد مني خالص.. واتكلمت عنه قبل كده في مقالات عديدة، وقدمته في محاضرة كاملة على مسرح TEDx في الزقازيق تحت إسم التفاحة والكوانتم.. وكمان هو واحد من الأساسيات العلمية لروايتي الجيل الثالث
طيب هل معنى كده إننا ممكن نفكر في البعد الرابع على إنه البعد اللي موجود فيه القوة الفكرية والوعي بتاع الإنسان نفسه؟!.. مكان خارج الحدود المساحية اللي احنا ممكن نحس بيها، موجود في كل الأوقات وكل الأماكن مع بعض!!.. بيأثر على عقولنا ويخليها تقدر تمارس الوعي الذكي المميز للبني آدمين، بغض النظر عن المسافات أو الوقت..
الحقيقة النظرة دي مُلهِمة جدًا، وفي كتير جدًا فلاسفة فكروا فيها على مر السنين.. ولو دورت وراها كويس، هتلاقيها عبارة عن جزء من كلام الفلاسفة الصينيين بتوع هضاب وجبال التبت دول، اللي البوذيين وهكذا.. الناس دي عندهم إيمان حقيقي إن التفكير أو (التأمل Meditation) ممكن يأثر في الواقع نفسه ويغيره ويخليه أحسن.. بمعنى إن لو مجموعة كبيرة من البشر ركزت أفكارها و وعيها في إنهم يتخيلوا فكرة معينة، ف هما ممكن بالفعل يأثروا على الحقيقة الواقعية ويقلبوا الفكرة دي لحقيقة بنشوفها بعيوننا!!
طب ماشي.. لو احنا تخيلنا إن ده البعد الرابع.. هل ممكن تكون في كائنات حية عايشة في مكان زي ده؟!..
طبعًا الإجابة لأ.. لإن وقتها المكان ده مش هيكون بعد مساحي بالمعنى المفهوم لينا.. بل هو بعد بيحتوي على الخبرات والذكاء والمشاعر الخاصة بالبشر.. ويمكن يكون هو البعد ده اللي بيدي للروح البشرية الصفات اللي بتميزها.. وطبعًا إحنا منقدرش نتكلم كتير عن الروح لأن الله سبحانه وتعالى هو أعلم بها..
طب تعالى نتخيل حاجة أبسط شوية.. لو البعد الرابع ده بعد مساحي صرف.. بعيد بقى عن كل الكلام الروحاني اللي في السطور اللي فاتت ده.. لو البعد الرابع ده هو اتجاه مختلف إحنا مش حاسين بيه ولا شايفينه.. الكائنات اللي فيه ممكن تبقى عاملة ازاي، وأشكالها هتكون أيه؟!
السؤال بتاعك مهم وإجابته مذهلة ومخيفة في نفس الوقت.. وعشان نجاوبها، خلينا نبسط الموضوع الأول بإننا نطبقه على حاجة إحنا نقدر نتخيلها.. اللي هي البعد التاني أو العالم المسطح..
أنت دلوقتي كبني آدم، تعتبر كائن علوي خارق القدرات والمعرفة بالنسبة لأي كائن أقل عايش في البعد التاني أو في العالم المسطح.. زي ما شرحنا في المقالات اللي قبل كده، الكائن ده مش هيبقى قادر يرفع عينه لفوق عشان يشوفك، لإنه معندوش أصلًا بعد إسمه الإرتفاع.. كل اللي يقدر يعمله يبص يمين وشمال بس..
وأنت كإنسان بشري لو حبيت انك تتواصل معاه، لازم تحول نفسك لشكل ثنائي الأبعاد بردو، عشان هو يقدر يفهمك.. وقلنا إنك ممكن تعمل ده من خلال إنك ترمي الضل بتاع جسمك على الورقة المسطحة اللي هو عايش عليها.. عشان الضل بتاعك بيبقى مسطح، وبيفقد واحد من الأبعاد بتاعتك.. عمرك شفت ضل بيبقى ليه طول وعرض وارتفاع؟!
لأ طبعًا.. الضل له طول وعرض بس.. وبيبقى دايمًا مبطط ومنعكس على أي جسم بيتجسد عليه.. فبالتالي لو أنت جسدت الضل بتاعك على ورقة، الكائنات المسطحة اللي عايشة عليها هتلاقي فجأة إن في كائن جديد تجسد من العدم قدامهم، وإن الكائن ده أسود تمامًا، متكون من الضلمة!!
الموضوع هيبقى مرعب بالنسبالهم جدًا..
بس ماذا لو إحنا كبشر قررنا إننا عايزين نعدي أو نعبر من جوه البعد التاني بتاعهم ده نفسه، بأجسامنا الحقيقية.. هيبقى شكلنا جواه عامل إزاي؟!
ركز معايا أوي بقى في اللي جاي..
أي جسم ثلاثي الأبعاد لو جه (يمر أو يعبر) من جوه البعد التاني، هيفقد أوتوماتيك واحد من الأبعاد بتاعه ويتشكل في البعد الأقل ده كجسم ثنائي الأبعاد بس.. طب إزاي يا عم علام أنا مش فاهم حاجة!!
هشرحلك بتبسيط هيخليك تنبهر.. تعالى نتخيل أن أنت معاك كورة.. كورة قدم عادية جدًا.. والكورة دي أنت عايز تخليها تعدي من جوه الورقة، باعتبار إن الورقة دي شفافة وغير مادية.. زيها زي الهولوجرام كده اللي في أفلام الخيال العلمي..
تخيل معايا اللي هيحصل خطوة بخطوة..
أول حاجة، الكورة بتاعتك أول ما تلمس الورقة ثنائية الأبعاد دي، هتلاقي إن نقطة التماس بتاعتها مع الورقة دي هي بالظبط زي ما وصفناها.. (نقطة).. فبالتالي، العالم ثنائي الأبعاد هيظهر فيه فجأة نقطة!!.. النقطة دي هيبقى شكلها كإنها انبثقت من العدم حرفيًا.. مكانتش موجودة، وفجأة ظهرت!!
طب حلو.. وبعدين؟
طول ما الكورة دي بقى مكملة طريقها، وفي رحلة العبور بتاعتها، هتلاقي إن النقطة اللي اتكونت في العالم ثنائي الأبعاد دي، ابتدت توسع وتكبر، واتحولت لدايرة!!.. وطول ما الكورة مكملة طريقها، وبتعدي من جوه الورقة، الدايرة هتوسع وتوسع لحد ما هتوصل لأقصى وسع ليها، اللي هو هيحصل لما الكورة تكون وصلت للمنتصف بالضبط.. يعني عدى نصفها من الورقة، ونصفها التاني لسه بره!
وبعد كده مع استمرار عبور الكورة، هتلاقي الدايرة اللي على الورقة ابتدت تصغر تاني بنفس المقدار حبة حبة.. لحد ما هتوصل لإنها ترجع نقطة تاني أول ما الكورة تكون خلاص عدت من الورقة، ومش باقي منها إلا نقطة التماس اللي على الورقة دي!!
ف لما الكورة تمشي خالص، هتلاقي النقطة اختفت تمامًا!!
يعني معنى كده إنك لو حطيت نفسك مكان الكائن الإفتراضي اللي عايش على الورقة ثنائية الأبعاد، من وجهة نظرة هو هيكون شاف جسم غريب ظهر في عالمه فجأة (اللي هو النقطة)، وبعدها الجسم ده بدأ يكبر ويكبر ويكبر لحد ما يوصل لأقصى حجم له، وبعده يصغر ويصغر لحد ما يوصل لشكل النقطة تاني، وبعدين يختفي!!
تخيل الموضوع بالنسباله هيبقى مرعب وغير مفهوم قد أيه!!.. هو بالنسباله مقدرش يشوف الشكل الكامل للكورة.. كل اللي قدر يشوفه هو الشرائح الدائرية اللي بتكون الكورة دي.. شاف عبور الكورة من خلال العالم بتاعه، شريحة شريحة.. كإنك بتعمل بطاطس شيبسي كده!!
ولو جيت وطبقت ده على عبور كائن رباعي الأبعاد من العالم ثلاثي الأبعاد بتاعنا، هتلاقي إن نفس الحاجة هتحصل بالظبط هي هي.. كل الفرق هو إنك هتزود بعد زيادة بس.. فبالتالي ظهوره في عالمنا بدل ما هيبقى في شكل مسطح، هيكون في الواقع شكله مجسم!!
يعني لو تخيلت إن في كورة رباعية الأبعاد –(بيسموها HyperSphere)- بدأت تمر من العالم ثلاثي الأبعاد بتاعنا، هتلاقي إن فجأة ظهر في السماء بتاعتنا نقطة ضخمة.. بعدين النقطة دي بدأت تكبر وتوسع وتتحول لكورة كبيرة ملهاش ملامح.. والكورة دي هتفضل تكبر تكبر في السماء، وهيبقى شكلها ضخم جدًا كإنها كوكب كامل!! لحد ما توصل لمرحلة قصوى في الحجم.. وهتبدأ بعدها تصغر وتصغر لحد ما توصل لإنها ترجع نقطة تاني، وبعدين تختفي تمامًا زي ما ظهرت!!
متخيل المشهد؟!.. متخيل ممكن يبقى مرعب قد أيه؟!.. الحقيقة التخيل بيطرح أسئلة كتير جدًا ممكن تكون نطت في دماغك دلوقتي.. أيه اللي يمنع مثلًا إن الكواكب والنجوم اللي بنشوفها في السماء دي تكون في الواقع أجزاء من أشكال رباعية الأبعاد، أكبر وأضخم منها بكتير، لكنها فقط متجسدة في العالم ثلاثي الأبعاد بتاعنا؟!.. كإنها قمة جبل ضخم جدًا ظاهرالنا من تحت المية؟!..
طب خد سؤال مذهل أكتر!!.. أيه اللي يمنع إن البشر نفسهم يكونوا في الواقع عبارة عن كائنات رباعية الأبعاد، جزء منها بس هو اللي بيتجسد في العالم الحقيقي ثلاثي الأبعاد، وباقي جسمها ضخم جدًا ولا يستوعب، لكنه موجود في بعد رابع ضخم غير مرئي؟!
الإفتراض ده في الواقع مذهل حرفيًا، لإنه في الحالة دي بيخليك تقدر تتخيل ماهية الروح والجسم الأثيري اللي بيتكلموا عنه في علوم الإسقاط النجمي أو الـ Astral Projection الشهيرة.. يخليك مثلًا تتخيل وتفهم إزاي ممكن شخص يقول إنه بيقدر يخرج بروحه أو جسمه الأثيري من الجسم الحقيقي بتاعه، ويشوف نفسه من بره!!
حاجة زي كده ممكن تخليك تفهم إزاي في بعض البشر يقدروا يعملوا حاجات غير مفهومة بالنسبة لباقي البشر العاديين، من خلال إنهم يطوروا وعيهم لدرجة إنهم يتعاملوا مع البعد الرابع.. ناس مثلًا ممكن تقرأ الأفكار أو تتواصل بالتخاطر أو تحرك الأشياء عن بعد.. من خلال إنهم بيستعملوا أجزاء من جسمهم موجودة في بعد رابع غير مرئي أو محسوس بالنسبة لباقي البشر!!
طبعًا كل ده كلام نظري وهو مجرد افتراضات مش أكتر.. مفيش حاجة من دي مثبتة لسه، لكن إحنا بنفكر مع بعض.. إنبهرت؟!
طب تعمل أيه بقى لو قلتلك إن ممكن يكون في كائن علوي رباعي الأبعاد عايش حوالينا، بس بيتجسد قدامنا بشكل ثلاثي الأبعاد عادي، بجزء بس من جسمه؟!.. افتكر كده وصف الملايكة والشياطين والجن في الكتب السماوية!!.. الكائنات دي بيتقال إنها بتقدر تتجسد في عالمنا فجأة، وبتتخذ شكل ثلاثي الأبعاد إحنا نقدر نشوفه ونستوعبه.. حجمها ممكن يبقى ضخم أو صغير حسب ما هما عايزين، وده بردو بيتوافق مع أوصاف القرآن لحجم الملائكة، اللي ممكن يوصل لمرحلة ضخامتها لا تستوعب!!.. ده في ملائكة المفروض إنهم شايلين عرش الرحمن سبحانه وتعالى نفسه.. تفتكر دول حجمهم قد أيه؟!
نفس الكلام على الجن والشياطين.. الكائنات دي المفروض إنها بتقدر تتجسد في عالمنا بمنتهى البساطة، من الهوا حرفيًا.. ممكن الواحد فيهم يمد إيده جوه خزينة، ويطلع اللي جواها من غير ما يفتح بابها.. عشان هو هيدخلها من اتجاه رابع مش موجود في عالمنا أصلًا!!.. فاكر مثال الخزنة المربعة ثنائية الأبعاد اللي شرحناه في المقال اللي فات؟!.. نفس الموضوع بالضبط.. البشري ثلاثي الأبعاد يقدر يمد إيده على الورقة وياخد اللي جوه المربع (اللي هو الخزنة المسطحة) بمنتهى السهولة!!
طب تخيل لو الكائنات دي طلعت حاجات أغرب من مجرد جن أو شياطين.. تخيل إنهم شعوب وأمم مثلنا، من حضارات مختلفة منعرفش عنها أي حاجة، بس هما بيشوفونا وبيراقبوا حياتنا من اتجاه احنا مش شايفينه.. كإنهم عمالقة وإحنا نمل!!.. بل والأدهى، يقدروا يتجسدوا في عالمنا في أي وقت بشكل ثلاثي الأبعاد، ويعملوا اللي هما عايزينه!!
تخيل كده إنك تبقى ماشي في الشارع، وفجأة تلاقي شخص شكله غريب وغير مفهوم، ظهر قدامك من العدم، بيبصلك ويضحك!!.. أول حاجة هتقولها هي بسم الله الرحمن الرحيم، وهتقول ده جن أو شيطان، برغم إنه في الواقع ممكن ميبقاش لا ده ولا ده.. ممكن يبقى كائن عادي خارق للأبعاد، بيقدر يتجسد في العالم بتاعك ببساطة، وأنت مش قادر تستوعب حدود جسمه لإنها غير مرئية بالنسبالك!!.. ده ممكن الكائنات دي تكون عندهم بردو تكنولوجيا متطورة وفيزياء مختلفة عن الفيزياء اللي احنا نعرفها أساسًا.. ممكن مثلًا تبقى الأطباق الطائرة والأجسام مجهولة الهوية اللي بتظهر في السماء وتختفي ومحيرة العالم كله دي، مش أكتر من طيارات لكائنات علوية رباعية الأبعاد!!
طب إحنا كده بقى دخلنا ف عش الدبابير، وفتحنا على نفسنا باب مرعب مش هنقدر نقفله تاني.. ما دام الخيال سرح مننا، يبقى لازم هيروح لآفاق محدش يتصورها.. وعشان كده كفاية النهارده عشان دماغك متسافرش لبعيد أكتر من كده..
خلينا نحتفظ بالقليل الباقي من عقولنا، ونكمل كلامنا في الجزء الرابع من المقال
لو المقال ده عجبك و وسع نظرتك وتفكيرك للكون، ف حابب أفكرك إنه نتاج مجهود عقلي وفكري وزمني كبير وطويل.. فلو حابب تدعمني، ممكن تعمل ده من خلال الشير للمقال عشان ينتشر وناس أكتر تقرأه وتتبسط..
بقلم الكاتب : محمود علام